نواصب المضارع
قال: فالنواصب عشرة، وهي: أن، ولن، وإذن، وكي، ولام كي، ولام الجحود، وحتى، والجواب بالفاء والواو، وأو .
وأقول: الأدوات التي ينصب بعدها الفعل المضارع عشرة أحرف وهي على ثلاثة أقسام: قسم ينصب بنفسه، وقسم ينصب بأن مضمرة بعده جوازاً، وقسم ينصب بأن مضمرة بعده وجوباً .
أما القسم الأول: وهو الذي ينصب الفعل المضارع بنفسه ـ فأربعة أحرف وهي: أن، ولن، وإذن، وكي.
أما أن: فحرف مصدر ونصب واستقبال، ومثالها قوله تعالى:} أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي | (1)وقوله جل ذكره:} وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ| (2)، وقوله تعالى:} إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ |(3)، وقوله تعالى: } وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوه ُ|(4)
أما " لن " فحرف نفي ونصب واستقبال، ومثاله قوله تعالى:} لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ |(1) وقوله تعالى:} لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ |(2)، وقوله تعالى:} لَنْ تَنَالُوا الْبِرّ | (3) .
وأما " إذن " فحرف جواب وجزاء ونصب، ويشترط لنصب المضارع بها ثلاثة شروط:
الأول: أن تكون إذن في صدر جملة الجواب .
الثاني: أن يكون المضارع الواقع بعدها دالاً على الإستقبال.
الثالث: أن لا يفصل بينها وبين المضارع فاصل غيرُ القسم أو النداء أو " لا " النافية ومثال المستوفية للشروط أن يقول لك أحد إخوانك: " سأجتهد في دروسي "فتقول له: " إذن تنجح "، ومثال المفصولة بالقسم أن تقول " إذن والله تنجح "، ومثال المفصولة بالنداء أن تقول:
" إذن يا محمد تنجح "، ومثال المفصولة بلا النافيةأن تقول: " إذن لا يخيب سعيك " أو تقول: " إذن والله لا يذهب عملك ضياعاً " .
وأما " كي " فحرف مصدر ونصب،ويشترط في النصب بها أن تتقدمها لام التعليل لفظاً، نحوقوله تعالى: } لِكَيْلا تَأْسَوْا |ِ(4)، أو تتقدمها هذه اللام تقديراً، نحو قوله تعالى:} كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً |(5)، فإذا لم تتقدمها هذه اللام لفظاً ولا تقديراً كان النصب بأن مضمرة، وكانت كي نفسها حرف تعليل.
وأما القسم الثاني: وهو الذي ينصب الفعل المضارع بواسطة " أن " مضمرة جوازاً ـ فحرف واحد وهو لام التعليل، وعبر عنها المؤلف بلام كي، لإشتراكهما في الدلالة على التعليل، ومثالها قوله تعالى:} لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ |(6)،وقوله جل شأنه:} لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ |(7).
وأما القسم الثالث: وهو الذي ينصب الفعل المضارع بواسطة " أن " مضمرة وجوباً ـ فخمسة أحرف :الأول: لام الجحود، وضابطها أن تسبق " بما كان " أو " لم يكن " فمثال الأول قوله تعالى:} مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ |(8)،
وقوله سبحانه:} وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ |(9)،ً ومثال الثاني قوله جل ذكره:} لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا ً|(10).
والحرف الثاني " حتى " وهو يفيد الغاية أوالتعليل، ومعنى الغاية أن ما قبلها ينقضي بحصول ما بعدها نحو قول الله تعالى:} حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى |،(1)، ومعنى التعليل أن ما قبلها علة لحصول ما بعدها، نحو قولك لبعض إخوانك " ذاكر حتى تنجح ".
والحرفان الثالث والرابع: فاء السببية، وواو المعية، بشرط أن يقع كل منها في جواب نفي أو طلب أما النفي فنحو قوله تعالى:} لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا |(2)، وأما الطلب فثمانية أشياء:
الأمر، والدعاء، والنهي، والاستفهام، والعرض، والتحضيض، والتمني، والرجاء، أما الطلب فهو الأمر الصادر من العظيم لمن هو دونه، نحو قول الاستاذ لتلميذه: " ذاكر فتنجح " أو
" وتنجح "، وأما الدعاء فهو الطلب الموجه من الصغي إلى العظيم، نحو: " اللهم اهدني فأعمل الخير " أو " وأعمل الخير "، وأما النهي فنحو: " لا تلعب فيضيعَ أملك " أو " ويضيعَ أملك "، وأما الإستفهام فنحو: " هل حفظت دروسك فأسمعها لك "، أو " وأسمعها لك "، وأما العرض فهو الطلب برفق نحو: " ألا تزورونا فنكرمك "، أو" نكرمك "، وأما التحضيض فهو الطلب مع حث وإنزعاج نحو: " هل أديت واجبك فيشكرك أبوك " أو " ويشكرك أبوك "، واما التمني فهو طلب المستحيل، أو ما قيه عسرة، نحو قول الشاعر:
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها عقودَ مدحٍ فما أرضى لكم كلِمِي
ومثله قول الآخر:
ألا ليتَ الشبابَ يعودُ يوما فأخبره بما فعل المشيبُ
ونحو: ليت لي مالاً فأحج منه "، وأما الرجاء فهو طلب رالأمر القريب الحصول نحو:
" لعل الله يشفيني فأزورك ".
وقد جمع بعض العلماء هذه الأشياء التسعة التي تسبق الفاء والواو في بيت واحد هو:
مُر، وادعُ، وانهُ، وسل واعرض لحضهم تمنَّ، وارج، كذاك النفي، قد كمُلا
وقد ذكر المؤلف أنها ثمانية، لأنه لم يعتبر الرجاء منها .
الحرف الخامس " أو " ويشترط في هذه الكلمة أن تكون بمعنى " إلا " أو بمعنى " إلى "، وضابط الأولى: أن يكون ما بعدها ينقضي دفعة، نحو: " لأقتلن الكافرأو يسلم "،
وضابط الثانية: أن يكون ما بعدها ينقضي شيئاً فشيئاً، نحو قول الشاعر:
لأستسهلن الصعبَ أو أدركَ المُنى فما انقادت الآمال إلا لصابر
(1) الشعراء:82.
(2) يوسف: 12.
(3) يوسف: 13.
(4) يوسف: 15.
(1) البقرة: 55.
(2) طه:91.
(3) آل عمران: 92.
(4) الحديد:23.
(5) الحشر: 7
(6) الفتح: 2.
(7) الأحزاب: 73.
(8) البقرة: 179.
(9) الأنفال: 33.
(10) النساء: 137.
(1) طه: 91.
(2) فاطر: 36 .