مسجد الإمام الجواد - سيهات
تصوير : رضا الشافعي
تعليق : أحمد اليوسف




المشيقري : ممارسة العبادات في حالة الغفلة لا يقال له الاّ عابد بالعبادة الصورية ولا يحمل مضمون ولا جوهر حقيقي .
تناول سماحة الشيخ المشيقري ضمن سلسلة مواضيعه في الليلة الثانية عشر من محرم الحرام لعام 1431هـ بمسجد الجواد تحت عنوان " مقام العبودية في شخصية سيد الشهداء الحسين وفي سيرته"
تالياً الآية الكريمة ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) مشيرا الى أن الآية الشريفة أنها انحصرت وحبست علة الإيجاد والخلق في أن يكون المخلوقون عابدين لا لإصل العبادة وإنما ليكونوا عابدين ولهذا خلقنا لا لنكون عابدين ولا ان يكون الباري جل وعلا معبوداً ولا للعبادة بل نكون متلبسين بالعبادة ولذا سبحانه وتعال ذكر العبادة من حيثية صدودها منه قال تعالى (الاّ ليعبدون) ما قال الاّ للعبادة ولا لِأُعبد وان كان كون العبادة عابدين يقتضي كون الباري معبود وهذا أمر متلازم ما دام هنالك عابد وعبادة ومعبود.

مبيناً أن الله سحبانه وتعالى يشير الى أن العلّة من الإيجاد هي في تلبس الإنسان بمبدأ العبادة في كونه عابد لا في كون الله معبود , الله سبحانه وتعالى ما خلق الخلق من أجل أن يُعبد وإنما خلقهم من أجل أن يعبدوه هم , لكنه سبحانه وتعالى ما خلقهم لأمر يرجعوا إليه وانما خلقهم لأمر يرجع إليهم لكن كرمه وفيضه ورأفته سبحانه وتعالى هي التي أفاض نعمة الإيجاد على الموجوادت , وأخبر الله سبحانه وتعالى بأن من العلة من ايجادهم أن يحققوا هم مسألة العبادة ولينتفعوا بها , وأن الإنسان لم يُخلق للمضرة بل خُلق للمنفعة , وأن المنفعة لا ترجع لله بل ترجع للمخلوق اذن نحن خُلقنا لكي نكون عابدين وللمصلحة لا للمضرة اذن الله سبحانه خلقنا للعبادة التي فيه المصلحة , خلقنا لكي نصل الى الكمال وخلقنا لنكون عابدين
موضحاً أن حقيقة المراتب كلها أساسها العبادة وأساسها العابدية لا المعبودية ولا العبادة ولهذا ما من نبي ولا وصي ولا صاحب مقام الاّ وأساس مقامه أن يكون عبدا صالحا لله ولا يمكن لنبي أن يحوز على النبوة الاّ بمقام العابدية وكذلك الولي لا يحوز على الولاية الاّ بمقام العابدية
مشيرا الى أن مقام العابدية مرده الى العبادة : العبادة هي تفعيل لمسألة الافتقار والعبودية معناها الافتقار والضعف والحاجة وتقع في الإنسان ولا تقع في غيره ولهذا الضعيف المملوك من الإنسان يقال له عبد لكن المملوك من غير الإنسان لا يقال له عبد , وهذه العبودية مردها الى الله وهو الغني المطلق ونحن الفقراء لله سبحانه وهذا هو الحال الإعتيادي الطبيعي لكل مخلوق ممكن , الممكن بذاته محتاج وواجب الوجود بذاته غني , نحن فقراء لله الإلتفات الى جانب الفقر لله وتفعيل جانب الافتقار وهذا المسكنة أمام الباري هي العبادة

وأشار الى أن العبادة بحاجة الى خضوع البدن وتذوق معنى الذل والخضوع والخشوع والافتقار والمسكنة لله سبحانه وتعالى في السجود ويكون في حالة الاستصغار والإستحقار الذاتي الطبيعي كما ورد في الرواية " أقرب ما يكون العبد لله وهو ساجد "
وأضاف سماحته عندما يقف العابد الحقيقي أمام الله تنقطع ما بينه وبين المادة من صلة فتتمثل له عظمة الرحمن وأن وقوف العابد بين يدي الله للصلاة تتغير ألوانه ولا يتحرك من جسده شيء الاّ ما حرك الريح من لباسه , مشيرا الى أن أهل البيت جسدوا هذا المعنى بمعرفتهم عظمة الباري جل وعلا ومعرفتهم بعذاب الله أشد من معرفة المخلوقين ((هم والجنة كمن من رآها فهم فيها منعمون وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذبون)) هذا للمؤمنين فكيف بأهل البيت عليهم السلام ؟

وفي ختام حديثه بين أن أهل البيت حازوا على رضا الله آن أقبلت الدنيا لهم لا يفرحون وان أدبرت لا يحزنون (فماذا وجد من فقدك وماذا فقد من وجدك) ولهذا هانت عليهم المصائب التي أبكتهم , هانت عليهم المصائب التي انفعل بها الكون , الحسين يقول يوم القيامة وقالها يوم عاشوراء "هوّن ما نزل بي إنه بعين الله تعالى". ويُمثل للناس بعرصات الطف جثة بلا رأس ولا زال يحكي عضد الله وعن هوى الله من يشعر باللذة ولا يصبح للألم في قاموسه أثر ولا انفعال وأي مشقة وجهد وتعب كلفة وأي مصيبة كالمصيبة التي صبت على أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه



لا يوم كيومك يا أبا عبدالله