المشرف العام

دليل الاثر والمؤثر

2/3/2021 - 7:27 م     802

الدليل الثاني: دليل الأثر والمؤثر

توضيحه: إن كل أثر لابد له من مؤثر وذلك لاستحالة وجود الأثر بلا مؤثر وهذا أمر فطري ومن ذلك قول الأعرابي: ((البعرة تدل على البعير وأثر الأقدام تدل أسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلان على اللطيف الخبير )) والأثر كما يدل على المؤثر فإنه يدل أيضاً على قدرته وعلمه.

توضيح ذلك:  إن الإنسان لو وجد في وسط الصحراء المنقطعة قصراً بديعاً في هندسته وتصميمه فإنه حينها سوف يجزم بقدرة المهندس الذي صممه وإبداعه فوجود القصر في هذه الحالة يكشف لنا عن أمرين مهمين وهما:

وجود المهندس الذي صممه.

إبداعه وقدرته في مجال الهندسة المعمارية.

فكل أثر يراه الإنسان فإنه سوف يهتدي به لأمرين وهما وجود المؤثر وخبرته وقدرته.

ومثال ذلك لو رأيت لوحة زيتية زاهية الألوان متقنة الرسم فسوف تقول لقد رسمها رسام محترف وبالعكس لو رأيت لوحة نقوشها غير متقنة فسوف تقول لعله رسمها طفل صغير أو شخص لا قدرة له على الرسم. فهنا أمران لابد لكل شخص من أن يجزم بهما وهما وجود الرسام ومدى خبرته.

وما نحن فيه كذلك فإن الكون الفسيح المليء بالأسرار البديع في الصنع العجيب في الخلق الذي تحير العقل في وصفته وفي الإحاطة ببديع صنعه هذا لا يمكن أن يكون بلا خالق بل وخالق عالم قادر بديع خبير محيط و.....

الدليل الثالث: الفطرة

فالإنسان بطبع خلقته متعلق بالقدرة المطلقة والقوة القاهرة فهو يرى في باطنه أن هناك خالقاً قادراً خلق هذا الكون الفسيح, ولكن التربية والثقافة التي يتلقاها والعادات التي يكتسبها من محيطه ربما تحول بينه وبين تقوية هذا الأمر الباطني, وهذا معنى الحديث المشهور:  [ ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ]([1])، أي يجعلانه يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً، ومعنى ذلك أن الإنسان بطبيعة خلقته مهتدٍ لله سبحانه بحيث لو خُلّيَ وهذه الفطرة لاعتقد بوجود الله وكان مسلماً بل مؤمناً بالله ممتثلاً لقوله مؤتمراً بالأوامر الإلهية ومنتهياً عن النواهي الشرعية, فالكفر وعصيان الخالق سبحانه ليس من طبيعة الخلقة بل يكون ذلك بأمر خارج عارض على الإنسان, فالعوارض الخارجية التي تعرض على الإنسان هي التي تؤدي به للبعد عن الله وإن كان بطبيعته مفطور على معرفة الله وعبادته سبحانه، ولكنه في الأزمات لا يرى إلا ما عليه خلقته من التعلق بالخالق فتراه في الشدائد يلوذ بالله حتماً قال تعالى:{ إِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ }([2]).

فتأمل أيها القارئ العزيز في قول الله تعالى: { دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي أنهم سوف يدعون الله بإخلاص لكنهم بعد زوال الشدة سوف يرجعون لشركهم، وهذا المعنى من التعلق بالله هو الذي ألمح له الإمام الباقر u كما في صحيحة زرارة عنه u قال: سألته عن قول الله عز وجل: { حنفاء لله غير مشركين به([3])} قال u: الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها. لا تبديل لخلق الله.  قال:  فطرهم على المعرفة به([4]).

وكذلك ما روي عن أبي عبد الله الصادق u حينما سأله رجل فقال له: يا ابن رسول الله دلني على الله ما هو ؟ فلقد أكثر عليّ المجادلون وحيروني.

فقال u: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟

قال: نعم.

قال u: فهل كُسرت بك حيث لا سفينة تنجيك , ولا سباحة تغنيك؟

قال: نعم.

قال u: فهل تعلق قلبك هناك أن شئياً من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟

قال: نعم.

فقال الصادق u: فذلك هو الله القادر على الإنجاء حيث لا منجي , وعلى الإغاثة حيث لا مغيث([5]).

 

نصدق بوجود الله وهو غير محسوس ولا ملموس

 

س: هناك من يقول بأن الله لم يره أحد فكيف لكم أن تؤمنوا به والإنسان بطبيعته ما لم يرَ شيئاً أو يحس به فلا تطمئن نفسه بوجوده فكيف نصدق بوجود الله وهو غير محسوس ولا ملموس؟

ج: نقول في رد هذا الكلام أن هذا منطق الماديين وأهل الطبيعة ولكنه كلام مردود حيث أن نفس هذا الكلام وهو (( عدم الإيمان بغير المحسوس )) هو بنفسه الكلام غير محسوس فكيف نصدق به.

فإن قالوا: أن هذا واضح بالعقل.

قلنا: إذن ليس هو بمحسوس ولكن العقل دل عليه ومع ذلك تؤمنون به فيلزم من ذلك رد كلامكم.

فإما أن تؤمنوا بهذا الكلام الغير المحسوس فيلزمكم ذلك بالإيمان بالغير المحسوس. وإما أن تلتزموا بعدم الإيمان بأي أمر غير محسوس فيلزم عليكم ألا تؤمنوا بهذا الكلام الغير محسوس. وعلى كلا الحالين يبطل قولكم.

ثم نسألهم: ما هو مقصودكم من غير المحسوس؟

فهل تقصدون غير المرئي بالعين الباصرة؟

 فيلزم من ذلك إنكار كل الأمور الغير مرئية مثل الأصوات والروائح والحرارة والبرودة والألم والخشونة والنعومة و.... غير ذلك مما هو غير مرئي.

أو تقصدون غير المحسوس بالحواس الخمس؟

فإنه يلزم إنكار وجود كثير من الموجودات التي يقطع الإنسان بوجودها مع أنها غير مدركة بالحواس الخمس مثل: الصفات والملكات النفسية كالفضائل والرذائل من العلم والقدرة والعدالة والشجاعة والكرم والبخل وكذلك الروح و.... غير ذلك كثير.

فقولهم بانحصار الموجود بالمحسوس و الملموس مخالف للبديهيات الأولية والأمور الفطرية الثابتة عند عقول البشر.

وقد نقل: أن بعض المعلمين في المدارس العصرية قال لتلاميذه الصغار: كيف تؤمنون بالله وأنتم لا ترونه بأعينكم ولا تلمسونه بأناملكم ألا ترون إنكم تؤمنون بوجودي لأنكم ترون رأسي وجسمي ماثلا أمامكم فلا يجوز لكم أن تؤمنوا بوجود شيء ما لم تروه بعيونكم فلو كان لله وجود لرأيتموه وجالستموه وكلمتموه كرؤيتكم لي ومجالستكم إياي وتكلمكم معي فسكت التلاميذ إلا واحدا نهض رافعا إصبعه قائلا :أيسمح لي معلمي بالجواب فقال له المعلم :قل يا بني ما عندك، فالتفت إلى زملائه وقال لهم : أسمعتم ما مقالة المعلم بأن كل شيء لا نراه بعيوننا ولا نلمسه بأناملنا ولا نجالسه ولا نتكلم معه لا يجوز لنا أن نؤمن بوجوده.

قالوا: نعم.

ثم نظر إلى المعلم وقال له: أجل أيها المعلم إننا نرى رأسك وجسمك و لكننا لا نرى عقلك وهل يعني ذلك أنه لا عقل لك لأننا لا نراه بعيوننا فضحك التلاميذ و بهت المعلم و لم يحر جوابا.

 

هذا تمام الكلام في إثبات وجود الخالق سبحانه وتعالى



([1]) الوسائل 11 باب 48 من جهاد العدو، ح1.

([2]) سورة العنكبوت: آية 65.

(2) سورة الحج: آية 31.

(3) الكافي الشريف ج2 ص12.

([5]) معاني الأخبار/ الشيخ الصدوق، ص 4.

 

 

 

 


  

   أضف مشاركة

حفل تخرج 1440 هـ


محرك البحث

مواقع التواصل الاجتماعية

صور عشوائية من معرض الصور

تصحيح وفرز النتائج وطباعة الشهادات للدورة الثانية عشر 4
حفل تخريج طلاب عام 1440
حفل تخريج طلاب عام 1440
الحفل الختامي لتخريج جميع المستويات عام 1432
الحفل الختامي لتخريج جميع المستويات عام 1432
حسينية أهل البيت - مدينة كلموزو  - ولاية ميشقن - أمريكا
حفل
عاشوراء 1432 - سيهات -  مسجد الإمام الجواد  7
عاشوراء 1432 - سيهات -  مسجد الإمام الجواد 3

تغيير القالب