المشرف العام

الغضب - الحدة - الحلم - الرفق

2/3/2021 - 12:05 ص     627

الغضب وحرارة المزاج

     الغضب كيفيّة نفسانيّة موجبة لحركة النفس إلى دفع الأذيات أو التشفّي بالانتقام ونحوه ، فإن كانت معتدلة كانت من فضيلة الشجاعة ، وإن خرجت عن الاعتدال إلى الافراط فهو من المهلكات ، وقد تشتدّ بحيث يمتلي لأجلها الدماغ والأعصاب من الدخان المظلم فيستر نور العقل ويضعف فعله ، فلا يؤثر في صاحبه الموعظة ، بل تزيده غلظة.

        والأخبار في ذمّه كثيرة :

     فعن الصادق عليه السلام: « أنّ الغضب مفتاح كلّ شرّ »([1]).

     وعن الباقر عليه السلام: « الغضب جمرة من الشيطان توقد في جوف ابن آدم، وإنّ أحدكم إذا غضب احمرّت عيناه، وانتفخت أوداجه، ودخل الشيطان فيه » ([2])، وعن الصادق عليه السلام: « وكان أبي يقول : أيّ شيء أشدّ من الغضب ، انّ الرجل ليغضب فيقتل النفس التي حرّم الله ويقذف المحصنة »([3]).  وقال أمير المؤمنين عليه السلام: « الحدّة نوع من الجنون »، لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم »([4]).

     ومن مفاسد ترتّب ذمائم الأخلاق التي نشير إلى بعضها كالحقد والحسد والبغضاء وقبائح الأعمال من الشتم وإفشاء الأسرار وهتك الأستار والاسهزاء والضرب والجرح والقتل وغيرها من الفحشاء عليه.

     ومنها : أيضاً تألّم الروح ، وسقم البدن ، وشماتة الأعداء ، وعداوة الأحبّاء ، وغير ذلك.

     والعجب ممّن يدّعي أنه من فرط الرجولية مع ما يشاهد من أنّ ظهور آثاره في ذوي العقول الناقصة كالمجانين والصبيان والشيوخ والنسوان والمرضى أكثر من الكاملين في العقل سيّما ما يتعلّق برداءة الكيفية من ضرب البهائم والحيوانات وسبّ الريح والمطر والشمس والقمر وأنواع الجمادات وتمزيق الثوب ولطم الوجه ونحوهما من المضحكات.

     فكلّ ذلك أبين شاهد على أنه ناش من نقصان العقل وضعف النفس.

     ولو تتبّعت كتب التواريخ والأخبار وتأمّلت في طبقات الناس من الأخيار والأشرار علمت أنّ الحلم والعفو وكظم الغيظ من شيم الأنبياء والعلماء والحكماء وأكابر الملوك وغيرهم من العقلاء والحدّة والغضب من عادات الأداني والأراذل والجهّذال وضعفاء العقول من الرجال.

        ثمّ إنّ علاجه يتمّ بأمور :

     منها : إزالة أسبابه من العجب والكبر والحقد والغدر واللجاج والخصومة والمزاح والمراء ، لأن كلّ حادث يحتاج إلى سبب ، فعدم السبب يستلزم المسبّب.

     ومنها : التذكّر لما تقدّم من قبحه وذمّه وما ورد في مدح دفعه وسلبه عن نفسه، وماورد في مدح الحلم الذي هو ضدّه مع ما يترتّب عليه من المحاسن.

     ومنها : تحصيل ملكة التروّي والتصبر في كل فعل أو قول يصدر منه.

     ومنها : الاحتراز عن مصاحبة أصحاب هذه الرذايلة ، والاختلاط باصحاب ما يقابلها من الفضيلة.

     ومنها : تحصيل فضيلة التفكّر في أنّ قدرة الله تعالى وبطشه أقوى وأشدّ، وهو ذوالبطش الشديد، الفعّال لما يريد، فإذا لم يغضب على عباده مع مايرى من شدّة مخالفتهم لأوامره ونواهيه وتضييعهم لحقوق إحسانه وأياديه وعظائم آلائه وكرائم نعمائه وقلّة حيائهم وشدة وقاحتهم، ولاتخفى عليه خافية من أمورهم مع أنه ذوالقدرة الحقيقة وصاحبها ومعطيها وواهبها، فهذا الضعيف مع مساواته لمن يغضب عليه في الحاجة والضعف وكون قدرته الضعيفة من مواهبه تعالى أحقّ بترك الغضب، واللائق بحالة استعمال الحياء والأدب.

     وفي الحديث القدسي: « اذكرني حين تغضب، أذكرك حين أغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق »([5]).

 

العنف والغلظة

     العنف وسوء الخلق من نتائج الغضب.  والأوّل غلظة وخشونة في الاقوال والافعال والحركات. والثاني سوء الكلام والتضجر ، وكلّ منهما منفّر لطباع العباد ، ومؤدّ إلى اختلال أمور المعاش والمعاد.  قال تعالى: { ولو كنت فظّاً غليظ القلب لا نفضّوا من حولك }. ولذا قال الصادق عليه السلام: « من ساء خلقه عذّب نفسه ».

     وعلاجهما بعد تذكّر مفاسدهما وما ورد ف ذمّها ومحاسن ضدّيهما مع ما ورد في مدحهما ما ذكر في الجبن من تقديم التروّي في كلّ قول وفعل ، ولو بالتكلّف حتّى يصير له عادة.

     نتائج العنف

     ومن نتائجه الحقد أيضاً، أي العداوة الباطنة، وإذا قويت ولم يقدر صاحبها على إضمارها أظهرها فصارت عداوة ظاهرة، وهو من المهلكات العظيمة.

 

الحلم

     الحلم طمأنينة النفس وهدوؤها بحيث لايزعجها الغضب بسهولة فهو المانع من حدوثه ابتداءاً، ثم بعد هيجانه وظهور آثاره في جوارحه يسمّى المانع من سرايته إلى الغير تحلّماً وكظماً للغيظ، فهما ضدّان له، ولاشكّ في كون الحلم من شرائف الملكات، وكفاه فضلاً كونه من صفاته تعالى الجمالية، واقترانه بالعلم في الأدعية والآثار ومدحه تعالى أنبياءه في كتابه الكريم به.

     والأخبار في الحثّ عليه ممّا لاتحصى، وكذا كظم الغيظ، وكفاه فخراً عدم حصول ملكة الحلم الا به.  ولذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: « إنّما العلم بالتعلّم والحلم بالتحلّم ».  ومدحه تعالى عباده به بقوله تعالى: { والكاظمين الغيظ }.  وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « من كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا ».  وعن الصادق عليه السلام: « ما من عبد كظم غيظاً الا زاده الله عزّوجلّ عزّاً في الدنيا والآخرة ». 

 

الرفق

     الرفق هو اللين في الحركات والأقوال ، وقريب منه حسن الخلق ، وهما من نتائج الحلم ، والأخبار في فضلهما واتّصاف المؤمن بهما ممّا لاتحصى.

     فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « أنّ الله رفيق يحبّ الرفق ويعطي على الرفق  مالا يعطي على العنف  »([6]).  وقال صلى الله عليه وآله وسلم: « ما اصطحب اثنان الا كان أعظمهما أجراً وأحبّهما إلى الله تعالى أرفقهما بصاحبه»([7]).  وقال صلى لله عليه وآله وسلم: « من أعطي حظّه من الرفق أعطي حظّه من خير الدنيا والآخرة ، ومن حرم حظّه من الرفق حرم حظه من خير الدنيا والآخرة »([8]).

        ويقرب من الرفق المداراة ، وربما يعتبر فيها تحمّل الأذى.  وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: « ما يوضع في ميزان امرء [ يوم القيامة ] أفضل من حسن الخلق »([9]).



([1]) الكافي : 2 / 303 ، كتاب الايمان والكفر ، باب الغضب ، ح 3.

([2]) الكافي : 2 / 304_305 ، كتاب الايمان والكفر ، باب الغضب ، ح 3.

([3]) الكافي : 2 / 303 ، كتاب الايمان والكفر ، باب الغضب ، ح 4

([4]) نهج البلاغة الحكمة 255 ، وفيه : « ضرب من الجنون ».

([5]) المحجة البيضاء : 5 / 306.

([6]) المحجة البيضاء : 5 / 323.

([7]) المحجة البيضاء : 5 / 324.

([8]) المحجة البيضاء : 5 / 4322.

([9]) المحجة البيضاء : 3 / 289 نقلاً عن الكافي : 2 / 99.

 

 

 


  

   أضف مشاركة

حفل تخرج 1440 هـ


محرك البحث

مواقع التواصل الاجتماعية

صور عشوائية من معرض الصور

حفل تجريج دفعات الخطابة للقسم النسائي 1438
صور من زيارة أئمة العراق عليهم السلام عام 1439
الحفل الختامي لتخريج جميع المستويات عام 1432
حفل تخريج طلاب عام 1440
حفل تخريج طلاب عام 1440
صور من زيارة أئمة العراق عليهم السلام عام 1439
حفل تجريج دفعات الخطابة للقسم النسائي 1438
الحفل الختامي لتخريج جميع المستويات عام 1432
الحفل الختامي لتخريج جميع المستويات عام 1432

تغيير القالب